الباحث عن الحقيقة
تحدث سلمان الفارسي عن قصة بحثه عن الحقيقة وإسلامه، فقال:
كنت مجوسيا من أهل أصبهان، وكنت قاطن (المقيم عند) النار التي نوقدها، فسألت النصارى حين أعجبني أمرهم، وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام. فانطلقت إلى الشام، وأقمت مع الأسقف صاحب الكنيسة؛ أخدم، وأصلي، وأتعلم. وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه، ثم مات. وجاؤوا بآخر خيرا منه، فلما حضرته الوفاة، قلت له: إلى من توصي بي؟ قال: أي بني، ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه، إلا رجلا بالموصل. فلما توفي (مات)، أتيت صاحب الموصل، وأقمت معه، ثم حضرته الوفاة، فسألته فدلني على عابد في نصيبين، فأتيته وأقمت معه فلما حضرته الوفاة، سألته، فدلني على رجل من عمورية فرحلت (سافرت) إليه، وأقمت معه، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكن هذا زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفا، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين، فاذهب إليه إن استطعت. وإن له آيات لا تخفى: فهو لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وإن بين كتفيه خاتم النبوة، إذا رأيته عرفته. ومربي ركب، وذهبت معهم حتى وصلوا إلى وادي القرى فظلموني، وباعوني إلى رجل من يهود، فباعني إلى رجل من يهود بني قريظة. ثم خرج بي حتى قدمت المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها، حتى أيقنت أنها البلدة التي وصفت لي، وأقمت معه أعمل له في نخله في بني قريظة، حتى بعث الله رسوله، وحتى قدم "المدينة" ونزل بقباء. وإني لفي رأس نخلة يوما، وصاحبي (سيدي) جالس تحتها، إذ أقبل رجل من يهود، من بني عمه، فقال يخاطبه: قاتل الله بني قيلة (أم الأوس والخزرج)، إنهم ليتقاصفون (يزدحمون) على رجل بقباء، قادم من مكة يزعمون أنه نبي فوالله ما هو إلا أن قالها حتى أخذتني رعشة. فرجفت النخلة، حتى كذت أسقط فوق صاحبي، ثم نزلت سريعا، أقول: ماذا تقولون؟ ما الخبر؟ فرفع سيدي يده وضربني، ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك. فأقبلت على عملي، ولما أمسيت جمعت ما كان عندي، ثم خرجت حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقباء، فدخلت عليه، ومعه بعض أصحابه، فقلت له: إنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة، فلما ذكر لي مكانكم، رأيتكم أحق الناس به، فجئتكم به. ثم وضعته، فقال الرسول لأصحباه: كلوا باسم الله، وأمستك هو فلم يبسط إليه يدا. فقلت في نفسي هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة! ثم رجعت وعدت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الغداة، أحمل طعاما وقلت له عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة. وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية ووضعته بين يديه، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله، وأكل معهم. قلت لنفسي: هذه والله الثانية؛ إنه يأكل الهدية! ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته، فوجدته في البقيع قد تبع جنازة، وحوله أصحابه فسلمت عليه، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره، فعرف أني أريد ذلك، فألقي بردائه عن كاهله، فإذا العلامة بين كتفيه، خاتم النبوة، كما وصفه لي صاحبي، فأكببت عليه أقبله وأبكي، ثم دعاني - عليه الصلاة والسلام - فجلست بين يديه، فحدثني حديثي كما أحدثكم الآن، ثم أسلمت.
0 komentar:
Posting Komentar